محمد البهنساوي
محمد البهنساوي


كلام في السياحة

محمد البهنساوي يكتب: وزير السياحة بين شبح التخصص وفلسفة التعديل  والملفات الصعبة

محمد البهنساوي

الأحد، 14 أغسطس 2022 - 08:10 م

التجارب تحمل بشرة خير ل " السياحة " .. والوزيري كلمة السر لـ "الآثار".

هل ينجح عيسي في جذب الشخصيات الدولية وإبعاد المتسلقين والرموز الهشة.

لهذه الأسباب نشكر العناني، وفي انتظار محطة قوية تلائم قدراته.

لاشك ان الهاجس الاقتصادي الذي يسيطر على العالم بأثره حاليا كان له التاثير الاكبر في التعديل الوزاري الأخير على حكومة الدكتور مصطفي مدبولي ، هذا الهاجس الذي يربك حسابات كافة الدول الغنية منها قبل الفقيرة ، والمتقدمة قبل النامية ، ومع كامل الاحترام لكافة الآراء التي تناولت هذا التعديل الوزاري فإن ما لا يختلف عليه أحد أن التعديل والوزراء الذين شملهم جاء تحقيقا لرؤية أكثر شمولا ودراية للقيادة السياسية تطلبت التعديل لدفع الأداء الاقتصادي في ظل الظروف الصعبة والاستثنائية التي يمر بها العالم وتؤثر بقوة على اقتصادنا القومي

وإذا تناولنا التغيير الذي حدث بأحد الوزارات المهمة بالمجموعة الاقتصادية وهي وزارة السياحة والآثار نجد أن فلسفة التعديل الوزاري بالتأكيد بجانب تقارير الأداء ومتابعة اجهزة الدولة دفعت باحمد عيسى إلى مقعد الوزارة  وهو كما نقلت كافة المواقع شخصية اقتصادية بنكية ، تقلد العديد من المناصب بأحد البنوك الدولية الكبرى ، وله سيرة ذاتية ليست بالهينة في هذا المجال ، وحتى ندرك أسباب هذا الاختيار نتوقف عند حاجة الدولة للعملات الصعبة والسياحة أهم مصادرها ، وسعيها للتطوير التقني للأداء الحكومي ، وإدارة كافة الملفات بفكر اقتصادي يعتمد أساسا على تعظيم المكاسب وتقليل الخسائر ، وسيرة الوزير الجديد تقول انه مؤهل لكل هذا حتى ولو لم يكن من أهل القطاع او المتخصصين فيه كما تحفظ البعض

ولعل حديث التخصص اول نقطة نبدأ بها تعليقنا على تعيين وزير السياحة والآثار الجديد ، البعض يشير إلى أنه يحتاج وقتا قد يطول للإلمام بقضايا القطاع السياحي وفهم آليات عمله ليبقى بعدها نجاحه مرهونا بمدى إلمامه بتلك القضايا ، وفي رأيي هذا الكلام ليس واقعيا وتخوف مبالغ فيه وغير مبني على أساس ، بل والتجربة اثبتت أن العكس كثيرا ما يكون صحيحا ، فبعض من اهم وانجح الوزراء بتاريخ السياحة ليسوا من داخل القطاع أو الملامسين له ، بل وبشرة خير للقطاع ان أحد أهم وزراء السياحة وصاحبة البصمة الكبرى في تاريخها شخصية ذات خلفية اقتصادية وبنكية وهو الراحل العظيم الدكتور فؤاد سلطان ، وكذلك الدكتورة رانيا المشاط حققت نجاحا وانقذت السياحة حيث تولتها وهي على مشارف انهيار شامل ، وهي ايضا ذات خلفية اقتصادية بنكية ، وكما قلت فهي بشرة خير

المهمة المزدوجة

ودعونا نتفق ان الوزير الجديد أحمد عيسي تولي الوزارة في عصرها الذهبي من حيث الدعم الغير مسبوق للسياحة من القيادة السياسية ومن مجلس الوزراء بأثره خاصة رئيس الوزراء ، ومن نفس المصارحة فان الدكتور خالد العناني نجح في حل الكثير من المشاكل التي كانت تواجه القطاع وبدأ خطوات واسعة في ملفات مهمة علي راسها الحملة الترويجية الدولية للسياحة المصرية والثورة التشريعية الشاملة للقوانين المنظمة لعمل القطاع ، وغير ذلك من الملفات المهمة ، اي ان المهمة لن تكون صعبة علي الرجل ، لكنها ايضا ليست بالسهولة التي يتخيلها البعض ، فهي مهمة تمزج بين الصعوبة والسهولة ، فالسياحة هي النشاط الاقتصادي الأهم بمصر ، لكنها لم تحقق حتى الآن المردود الذي يعادل تلك الأهمية لأسباب عديدة معظمها خارجة عن ارادة الجميع ، كما ان هناك ملفات لا زالت مفتوحة وأخرى تتطلب تحركا عاجلا ومدروسا من الوزير الجديد لإتمامها.

 الملفات المهمة

وإذا بدأنا بالملفات الأهم على مكتب الوزير الجديد احمد عيسي - مع ملاحظة أننا لازلنا نتحدث عن السياحة فقط ولم نتطرق للآثار - نجد في مقدمتها التسويق والترويج ، فالسياحة المصرية بحاجة لدفعة كبرى في هذا المجال لمواجهة منافسة دولية ومحلية شرسة سعيا لنصيبنا المستحق من السياحة الدولية ، وهناك خطوات مهمة تمت في هذا المجال تحتاج البناء عليها ، يليها حديث الساعة بالسياحة وهو استكمال ملف تحديث التشريعات الحاكمة والمنظمة للعمل السياحي وآخرها ما تردد عن تعديل قانون شركات السياحة ونفى مجلس الوزراء وجود تعديل جاهز لهذا القانون ، وهنا نقطتين مهمتين الأولى أن قانون الشركات مثله مثل باقي قوانين الأنشطة السياحية الأخرى يحتاج إلى التعديل لكن ليس بالصورة التي تم تداولها وكذلك التعديل يجب أن يتم بالتنسيق والتشاور مع القطاع وبما يحقق صالح الجميع ، والنقطة الثانية ضرورة ان يعمل الوزير الجديد على رأب الصدع الذي سببه حديث القانون بين الشركات السياحية والجهة الإدارية ، وعلى الوزير سرعة تعديل القوانين الخاصة بانتخابات الاتحاد والغرف السياحية لتحقيق الاستقرار بها وهنا نجد من العيب غياب قانون قوي مقاوم للطعون ليدار القطاع بلجان تسيير الأعمال.

وهناك نقطة مهمة تتعلق بالانتخابات .فالكل يتحدث عن مدد معينة لمجالس إدارة الاتحاد والغرف وركزوا جميعا على إبعاد شخصيات او الابقاء علي اخري ، وغاب عنهم أن هذه الغرف ليست نقابات عمالية لكنها مسؤولة عن ملف اقتصادي مهم للغاية ، والامر الثاني وهو غايب شخصيات سياحية قوية ومؤثرة علي الصناعة عالميا وليس فقط محليا عن العمل العام والغرف وتلك خسارة جسيمة لمصر اولا واخيرا ، ولو نجح الوزير الجديد في جذب وإقناع تلك الشخصيات بضرورة تواجدها بمجالس الاتحاد والغرف لحقق انجازا لم يسبقه إليه أحد من الوزراء ، والقائمة تزخر بشخصيات ناجحة ولها مكانتها الدولية بحب الا تبخل بفكرها وجهدها على وطنها شريطة ان نؤهل لها الظروف المواتية .

ومن الملفات المهمة ايضا الاهتمام بالكيف عند الحديث عن التدفق السياحي مثل الاهتمام بالكم ، والعمل علي وقف تدني الأسعار ، وهناك خطوات تمت أيضا في هذا الملف مطلوب البناء عليها 

وتعد السياحة الدينية من أهم الملفات خاصة مع قرب انطلاق رحلات العمرة أول أكتوبر المقبل ، لابد من وجود ضوابط واضحة تمنع التلاعب بالمواطنين وتغلق تماما الأبواب الخلفية للسفر للعمرة خارج المنظومة التي وضعتها الوزارة وتخضع لمراقبتها

وهناك ملف البيت السياحي سواء داخل الوزارة أو القطاع السياحي بأثره يجب إعادة الثقة داخله وازالة حالة الاحتقان الغير مبررة التي تؤثر سلبا علي القطاع ، كما يجب ابعاد المدعين والوصوليين الفارغين من اي فكر عن المشهد والبحث عن المتميزين المخلصين خاصة داخل دولاب الوزارة وهيئاتها في ظل حالة غريب صعد خلالها بعض أنصاف الموهوبين لمناصب مؤثرة واستمرت قيادات فارغة من أي فكر بمواقع قيادية مهمة ، ومطمئن الوزير الجديد ان الوزارة وهيئاتها لا تخلو من النماذج القوية التي تحتاج فقط لفرصة ، ولحسن الطالع تولي قيادات جديدة لديها الرغبة والفكر للتطوير والتحديث

وهناك ملفات عديدة معروفة وتنتظر موقف وتحرك الوزير الجديد مثل التجهيز لافتتاح المتحف الكبير وتجهيز القطاع السياحي خاصة الفندقي لمؤتمر المناخ بشرم الشيخ نوفمبر المقبل وتطوير مسار العائلة المقدسة واذلال حملة توعية سياحية حقيقية وقوية ، وما شابه من ملفات

 

الآثار واللغز

 

واذا كان كل حديثنا السابق منصب علي ملف السياحة ، لكن الرجل تولي معها ملف الاثار ، وهنا يتملكني الخوف بعض الشئ . فالاثار ليست نشاط اقتصادي مفتوح مثل السياحة يمكن لخبير اقتصادي قوي الإلمام به وإدارته لكنه مجال متخصص يتعلق بأهم ما تملك مصر وهو تاريخها وحضارتها ، وبصراحة لا أدري كيف سيدير الوزير الجديد هذا الملف ، لكن يبقى الأمل في وجود الدكتور مصطفي وزيري أمين عام المجلس الأعلى للآثار ، وهو أحد الخبراء المتميزين والوطنيين و النابهين عالميا قبل محليا في ملف الآثار ، وربما جاء الأمل في ضرورة ثقة الوزير الجديد في الدكتور وزيري وإعطائه حرية ادارة هذا الملف تحت اشراف ومتابعة الوزير.

العناني وشكر واجب

تبقى كلمة أخيرة وهي كلمة شكر يجب توجيهها الي الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار السابق لكل ما قدمه خلال عمله الوزاري الذي امتد لأكثر من سبع سنوات شهد قطاع الآثار فيها طفرة كبرى وغير مسبوقة من الاكتشافات الاثرية خاصة للبعثات الوطنية ، وانشاء كم غير مسبوق من المتاحف بمختلف المحافظات وأيضا بالمدن السياحية ، ومعارض الآثار الخارجية.

وفي رأيي فإن القطاع السياحي مدين بالكثير والكثير للدكتور خالد العناني ، فمنذ أن تم ضم السياحة والآثار في حقيبة واحدة نجح الرجل في حل مشاكل عدة كانت عالقة لسنين فشلت خلالها كل جهود حلها ، وقاد ثورة تشريعية واسعة بكافة القوانين المنظمة للعمل السياحي ، ورسخ لتعاون وتنسيق غير مسبوق بين الحكومة ممثلة في وزارته وبين القطاع السياحي ، وعمل بإخلاص لتحقيق طفرة نوعية كبرى في القطاع ، فله خالص الشكر على كل تلك الجهود وتمنيات الجميع ان يكون نهاية عمله الوزاري بداية لعمل وإنجاز واضافة اخرى للرجل واستفادة بخبراته وقدراته ووطنيته.

 

 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة